قصر السلطان حسين كامل: بين عراقة الماضي وحداثة المستقبل تزخر مصر بموروثات حضارية من الفنون والعمارة

قصر السلطان حسين كامل: بين عراقة الماضي وحداثة المستقبل تزخر مصر بموروثات حضارية من الفنون والعمارة 60467
 
قصر السلطان حسين كامل: بين عراقة الماضي وحداثة المستقبل

تزخر مصر بموروثات حضارية من الفنون والعمارة المتميزة في أرجائها كافة تحكى جزءًا من تاريخها وتؤكد عراقة حضارتها. ما أروع أن يمتزج هذا الإرث الحضاري بمفردات العصر الحديث الذي تقوم فيه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بدور رئيسي في التقدم والتنمية.

من هذا المنطلق نفذت الدولة ممثلةً في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فكرة رائدة تعتمد على مزج التراث المصري المعماري بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال تحويل مبنى ذي قيمة ثقافية وتاريخية كبيرة، هو قصر السلطان حسين كامل، إلى أحد مراكز إبداع مصر الرقمية وتوفير بيئة محفزة للابتكار التكنولوجي.

عكفت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على تطوير وترميم وتجهيز القصر خلال العامين الماضيين مستخدمةً أدق الوسائل العلمية الحديثة المتبعة في الترميم. شملت جهود التطوير الحفاظ على كل ما يمثل إرثًا حضاريًا إيمانًا منها بأن مصر تمتلك تاريخًا عظيمًا يجب الحفاظ عليه واستثماره وصنع مستقبل مشرق لأبنائها يفخرون به.

هذا القصر الذي أغلق لسنوات طويلة بعد استخدامه كمدرسة في الماضي شاهدٌ على انتقال مصر من خديوية إلى سلطنة ثم ملكية فجمهورية. ويعد قصر السلطان حسين كامل من أوائل العمائر التي شيدت بمصر الجديدة، وقام بتصميمه الفرنسي ألكسندر مارسيل في عام 1908، وتم تنفيذه كنموذج لإحياء العمارة الإسلامية.

اتبع المهندس المعماري مارسيل في تصميمه أسلوب المزج بين العناصر الإسلامية والأوروبية، فبينما يظهر الطراز الإسلامي في البهو الرئيس، يسود الطراز الأوروبي أغلب الغرف والقاعات الداخلية، بخاصة في أعمال التصاوير الجدارية على الحوائط والأسقف وعلى أعتاب الأبواب والنوافذ. يتكوّن القصر من طابق سفلي وطابقين علويين ويحيط به سور حديدي. يضم الطابق السفلي المطبخ ومخازن الطعام، أما الطابق الأول فيتكون من عدد من الحجرات للاستقبال وخٌصص الطابق الثاني لأجنحة النوم وغرف المعيشة. آلت ملكية القصر للدولة في الخمسينيات من القرن الماضي، وتم تسجيله باعتباره أثرًا بقرار من مجلس الوزراء عام 2000.

يكتسب القصر أهمية كبيرة بوصفه أثرًا مصريًا مثل قصر عابدين وقصر محمد علي، وقد شملت أعمال التطوير والترميم مجموعة من الإجراءات الإنشائية الفنية والتكنولوجية اللازمة إلى جانب النواحي المعمارية كافة بما يحافظ على القيمة الأثرية والطراز المعماري للمبنى وعلى هويته وقيمته الحضارية مع تزويده بأحدث التجهيزات وتقنيات التكنولوجيا الرقمية الحديثة ليتحول لوجهة ومركز جذب لشباب مصر من المبدعين ورواد الأعمال، ويكون واحدا من مجموعة مراكز إبداع مصر الرقمية.

يضم مركز إبداع مصر الرقمية بقصر السلطان حسين كامل حاضنة للشركات الناشئة ومسرعات أعمال ومركز تدريب تقني ومعامل تكنولوجية متطورة وقاعات اجتماعات ومساحات عمل مشتركة. يقدم المركز عددًا من الخدمات مثل ورش عمل في مجالات التكنولوجيا الناشئة ودعم الإبداع وريادة الأعمال وتنمية مهارات العمل الحر. هذا بالإضافة إلى تنظيم فعاليات تجمع بين رواد الأعمال وشركاء الإبداع والابتكار من الشركات المحلية والعالمية والجامعات والمؤسسات البحثية وتدريب الشباب على إدارة الاعمال والمهارات التقنية والفنية وإدارة الأنشطة الرقمية. يستهدف المركز سنويًا دعم 40 شركة ناشئة وتوفير 150 فرصة عمل وجذب استثمارات بقيمة 7 مليون دولار وتدريب 1000 فرد.

تحرص وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على جذب أفضل الشركات الرائدة عالميًا في إدارة مراكز الإبداع لتعزيز جهود تنمية ريادة الأعمال، لذلك تم التعاقد مع شركة بلاج أند بلاي “Plug and Play” الرائدة عالميًا في مجال تمكين الشركات الناشئة وتسريع نموها كمشغل لمركز إبداع مصر الرقمية بقصر السلطان حسين كامل، وذلك لأن هذه الشركة هي أكبر مستثمر على مستوى العالم في المرحلة المبكرة للشركات الناشئة.

يأتي مركز إبداع مصر الرقمية بقصر السلطان حسين كامل ضمن مشروع نشر مراكز إبداع مصر الرقمية في محافظات مصر كافة لتعزيز ثقافة ريادة الأعمال ودعم الابتكار التكنولوجي وزيادة عدد المراكز من 3 مراكز إلى 30 مركزًا موزعة في مختلف أنحاء الجمهورية ليكون في كل محافظة مركز من مراكز الإبداع الرقمي. تم إنشاء ٨ مراكز في كل من أسوان وقنا وسوهاج والمنيا والمنوفية والإسماعلية والدقهلية والقاهرة، ويتم العمل حاليًا على إنشاء ١٩ مركزًا جديدًا. وتقوم الوزارة أيضا بتطوير وترميم مبنى تابع لجامعة القاهرة في منطقة بين السرايات وتحويله إلى مركز لتنمية الإبداع وريادة الأعمال.

تعد مراكز الإبداع بمثابة منارة للعلوم التكنولوجية والحلول الإبداعية والتحول الرقمي بما لديها من إمكانات كبيرة لدعم ومساعدة الطلاب والشركات الصغيرة والمتوسطة والأعمال الناشئة في التحول الرقمي والنمو السريع.

إن مركز إبداع مصر الرقمية بقصر السلطان حسين كامل خطوة مهمة على أرض الواقع، فهو يعكس مدى التطور الذي تشهده مصر في مجالات الاتصالات ورعاية الإبداع مع تمسكها بتاريخها وتراثها وحرصها على مواكبة العصر والعبور إلى المستقبل والمزج بين الأصالة والمعاصرة وإحياء التراث المصري والحفاظ عليه اعتمادًا على التقنيات الحديثة. كما يؤكد المركز دور وزارة الاتصالات في تطوير عدد من المباني التاريخية وإعادتها إلى سابق رونقها وتعظيم الاستفادة منها بما يخدم المجتمع.

إن بناء الإنسان يأتي على رأس أولويات خطط عمل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي تسعى جاهدة نحو ترسيخ ثقافة الابتكار ودعم أنشطة ريادة الأعمال من خلال تهيئة المناخ الملائم وتوفير الخدمات والبنية التكنولوجية الداعمة للإبداع التكنولوجي لرواد الأعمال والمبتكرين عبر مراكز تجمع بين الأصالة والمعاصرة بهدف إنتاج حلول تكنولوجية مبتكرة تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

https://bit.ly/3VnmDOU